من نحن ؟ | معرض الصور | الاقتراحات | التواصل معنا
Loading ... please Wait
مشاهدة Image
- -‏هل مسألة الديار مسألة فقهية أم مسألة أصولية في الدين؟
الفتاوى > > ‏هل مسألة الديار مسألة فقهية أم مسألة أصولية في الدين؟
عدد المشاهدات : 0
تاريخ الاضافة : 2019/01/27
المؤلف : أبي عبد الرحمن الصومالي


‏هل مسألة الديار مسألة فقهية أم مسألة أصولية في الدين؟
(الجواب) 
(أولا) معرفة الكافر بالله من أصل الدّين، ومن لا يعرفُ الكافر لا يعرفُ المُؤمن، ومن شكّ في كفر الكافر فهو كافر. وليست معرفة "القوم الكافرين" مسألة أخرى غير مسألة "معرفة الكافر الفرد". فإنّ من عرف الكافر الفرد فقد عرف الكافرين. ومن عرف الكافرين فقد عرف دارهم. كما أنّ من عرف المسلمين عرف دارهم.
فإنَّ أوّل ما يُطلبُ من أهلِ الشّرك، هو أنْ يتُوبُوا من الشّركِ، ويُخلصُوا العبادة لله. فإن أقرُّوا بالتَّوحيد بألسنتهم، وأبوا أنْ يترُكُوا الشّرك بالله، فليسُوا بمُؤمنين، ولا مسلمين. وإن أقرُّوا بالتَّوحيد بألسنتهم، وتركُوا الشّرك بالله، وأنكرُوا رسالة الرّسُول، أو الكتاب، أو الملائكة، أو اليوم الآخر، فليسُوا بمُؤمنين، ولا مسلمين. 
وإنْ أقرُّوا بكلِّ ذلك، وأبَوا البراءة من أهل الشرك، واعتقاد كفرهم فليسُوا بمُؤمنين، ولا مسلمين، لأنَّ الله تعالى جعل البراءة من أهل الشّرك، وتكفيرهم تفسيراً للتَّوحيد المطلوب. فمن لم يُكفِّر المُشركين، لم يتبرَّأ منهم، ومن لم يتبرَّأ منهم، لم يكُنْ مُوحّداً، ومن لم يكُنْ مُوحّداً، لم يكُن مُؤمنا بالله. 
وأصلُ ذلك قوله تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ (الممتحنة:4).
قال الإمامُ الطبري في التفسير:وقوله: ﴿إذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يقول: حين قالوا لقومهم الذين كفروا بالله، وعبدوا الطّاغوت: أيّها القوم إنا برآء منكم، ومن الذين تعبدون من دون الله من الآلهة والأنداد.
وقوله: ﴿كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ العَدَوَاةُ والبَغْضَاءُ أبَدا حتى تُؤمِنُوا باللَّهِ وَحْدَهُ﴾ يقول جلّ ثناؤه مخبرا عن قيل أنبيائه لقومهم الكفرة: كفرنا بكم، أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون الله أن تكون حقا. وظهر بيننا وبينكم العدواة والبغضاء أبدا على كفركم بالله، وعبادتكم ما سواه، ولا صلح بيننا ولا هوادة، حتّى تؤمنوا بالله وحده، يقول: حتّى تصدّقوا بالله وحده، فتوحّدوه، وتفردوه بالعبادة. ـ اهـ ـــ 
وقال الإمامُ ابنُ كثير في تفسيره:يقول تعالى لعباده المؤمنين الذين أمرهم بمصارمة الكافرين وعداوتهم ومجانبتهم والتبري منهم: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِىۤ إِبْرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ﴾ أي: وأتباعه الذين آمنوا معه. ﴿إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَٰۤؤُا مِنكُمْ) أي تبرّأنا منكم. ﴿وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ﴾ أي: بدينكم وطريقكم. ﴿وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَٰوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَدًا﴾ يعني وقد شرعت العداوة والبغضاء من الآن بيننا وبينكم، مادمتم على كفركم فنحن أبداً نتبرأ منكم ونبغضكم. 
﴿حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ﴾ أي: إلى أن توحّدوا الله فتعبدوه وحده لا شريك له وتخلعوا ما تعبدون معه من الأوثان والأنداد. ـ اهـ ـ
ومن قال: "معرفة الكافر ليست من أصل الدّين"، فهو كمن قال: "البراءة من الكافر ليست من أصل الدين". ومن قال: " معرفة الكافرين ليست من أصل الدّين "، فهو كمن قال: "البراءة من الكافرين ليست من أصل الدين". لأنّ البراءة لا تكُون إلا من كافر أو كافرين عُرف كفرهم.
(ثانيا) والديار تُنسبُ إلى ساكنيها، وهذا هو الصحيحٌ لغة وشرعا، لأنَّ كلمة "الدار" تطلقُ على كلِّ موضع للإقامة. فموضع إقامة الكافرين هو: "دار الكافرين". وموضع إقامة المسلمين هو: "دار المسلمين". 
قال تعالى: ﴿سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾ (الأعراف:145). أي:دار الكافرين. 
فمسألة تقسيم الديار إلى "دار إسلام" و "دار كفر"، مسألةٌ ثابتة في الكتاب والسنّة، لأنَّ الله أمر بالبراءة من أهل الشرك، وأمر بالهجرة من دارهم إلى دار الإسلام، وأمر بغزو ديارهم. فتبيَّن من ذلك أنَّ هذا التقسيم واقعيٌ وشرعيٌ، وليس مُجرَّد اصطلاحات فقهية قابلةٌ للخطأ والصواب. 
قال اللهُ تعالى عن بعض مُدَّعي الإسلام: ﴿فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ (النساء:89)، أيْ: حَتَّى يُهَاجِرُوا من دار الكفر، أو قُلْ: من أرض الكفر، أو بلاد الكفر لأنَّ المعنى واحدٌ، إلى دار الإسلام، أو قُلْ: إلى أرض الإسلام، أو بلاد الإسلام، لأنَّ المعنى واحدٌ.
 فمن عرف الكافرين فقد عرف موضع إقامتهم بيقين. ومن عرف المسلمين فقد عرف موضع إقامتهم بيقين. ولا يُوجد من عرف الكافرين وتبرّأ منهم وهو لا يعرف موضع إقامتهم، أو لا يقدرُ التمييز بين الدار التي يسكنها المسلمُون والتي يسكنها الكفار. والجدل في هذا جدلٌ عقيمٌ وإضاعة للوقت الثمين. 
ولكن تتعلّق بالديار أحكامٌ فرعية كثيرة، ليست معرفتها من أصل الدِّين، وقد يجهلها بعضُ المسلمين، كالهجرة والجهاد وإقامة الحدُود وغيرها.


اخبر صديق

Kenana Soft For Web Devoloping